الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إلى الذين يحادون مفاتح الغيب باسم العلم الحديث
.(المفتاح الثالث: يعلم ما في الأرحام): لقد قالوا: إن (العلم الحديث) استطاع أن يخبر عما في الأرحام، وأنه أصبح يمكن معرفة الجنين وهو في بطن أمه إن كان ذكرا أم أنثى قبل ولادته، وأنتم تقولون إن الله وحده هو الذي يعلم ما في الأرحام؟قلنا أولا: لسنا مسئولين عن جهلكم الفاضح لمعنى هذه الجملة {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ}، وقبل أن نوضحها لكم نقول: إن علمكم الحديث هذا الذي علمتم به نوع الجنين وهو في بطن أمه، جاء متأخرا جدا بقرون عديدة ما الله بها عليم، عندما وجدت أول امرأة ولود منذ وضعن أولات الأحمال إلى اليوم، فتستطيع الكثيرات خصوصا الذكيات منهن، بعد أن سبق لها الإنجاب من النوعين أن تعين ما في بطنها بعلامات خاصة تحدث لها، وبعضهن تحدين الأطباء في هذا، هم يؤكدون مثلا أن الجنين ذكر، وهي تعكس بإصرار، وعندما يفصل عنها جنينها يكون القول ما قالت حزام، وينقلب (العلم الحديث) خاسئا حسيرا؛ فالأم علمته قبلكم قديما، وعلمتموه أنتم متأخرين، وهو الفتح من أصل الغيب الذي بيده وحده سبحانه مفتاحه، والأصل قوله {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ}.وتعالوا نوضح: فالعلم بما في الأرحام، هو عندما توضع فيه قطرة النطفة، هل ستتحول إلى ذكر يتبعها ذكور دائما، أم أنثى تتبعها إناث دائما، أم يخلق ذكرا حينا وأنثى حينا، أم تموت النطفة بالعقم فلا ذكر ولا أنثى، والعقم مؤقت أم دائم؟ كل هذا هو العلم بحال الرحم، وهو المعنى المقصود بقوله تعالى - وهو أعلم -: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ}، والذي بيده وحده مفتاحه دون سواه {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً}، فأصل الهبة في الآية حين وضع النطفة، وهذا هو الغيب الذي سُطِّر ولم يعلم به ولم يستطع غيره، إلى أن يفتح منه سبحانه بما ذكرت الآية وأوضحناه، وعندئذ يعرف نوع الهبة أو الحرمان منها كلية، {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}.و لدي أمثلة، منها: زوجان أوتيا الكثير من متاع الدنيا، وعملا آخر الطاقة لينجبا وارثا لهذا المتاع الوفير، قيل لهما آخر الأمر إن في (الدنمارك) بأوربا أشهر طبيب تناسلي في العالم، فذهبا إليه، فقال لهما بعد فحصهما: وليس عندكما مانع من الإنجاب، ولا أدري لماذا لم تنجبا، وعادا كما ذهبا. وعكسهما قيل لهما: لن تنجبا ألبتة، وبعد قليل بدأ الإنجاب بمعدل اثنين في كل دفعة. وامرأة شبعت أولادا ولم تجد الحبوب ولا غيرها لإيقاف السيل المتدفق، والكلام عن الحبوب فيه عيوب وليس هذا مكانه، فأجرى لها الطبيب بموافقتها عملية استئصال كلي للرحم ولم يكد الرحم يلتئم حتى التأم على حمل جديد.ومن هذه الأمثلة العديد؛ فسبحان من لا تقاوم قدرته، وآخر ما تحدى به (العلم الحديث) مولود الأنابيب، ولا ننسى أن نثني على إعلامنا العظيم أيضا، فقد اشتغل هذا الإعلام العربي والإسلامي طويلا بمولود الأنابيب، وقدم الإعلام هذا (العلم الحديث) بشهوة ما يسمى عندهم بالسبق الصحفي والإذاعي، ولو خُرِّب به العلم الإسلامي، فلقد تتبعته كبقية المتتبعين، فوجدته جعجعة رحى بدون طحين، فهما زوجان لم ينجبا، فأخذ الطبيب نطفة ما، حيث لم ينف العقم عن الزوج، ولو كانت الزوجة هي العقيم لما قبل الرحم العلقة وتربى الجنين فيه، لأنه - مع الأسف - بعد أن ذكرت القصة ما يثبت عقم الزوج وجهل النطفة، صدرت فتاوى بشرعية ابن الأنابيب سليل الألاعيب.نعود فنقول: لقد وضعت النطفة في الأنبوبة مصحوبة بنطفة المرأة التي يسمونها (البويضة)، وكما يحدث بينهما من التلاحم داخل الرحم حدث داخل الأنبوبة، وتم التطور الخلقي بما ذكر الله تعالى، نطفة فعلقة، ونقلت من الأنبوبة إلى الرحم، فما الجديد في هذا؟ وما هي معجزة العلم الحديث يا أهل العقول؟ ثم لماذا لم يتركوا العلقة في الأنبوب حتى تتم أشهر الحمل وتلد الأنبوبة ابنها؟ لقد أسرعوا بها إلى الرحم هو المكان الذي خلقه الله، ليقينهم بأنه لن يتربى أبدا في مكان سواه، فما هو الجديد في هذا؟ وما هي معجزة العلم الحديث التي أطلقت به الصحافة والإذاعة طبلها المزعج الكريه؟ وتم الحمل تسعة أشهر كما هو معتاد غالبا، وولدت المرأة طفلتها وما ولدتها الأنبوبة، وأرضعتها من ثديها حيث لا ثدي للأنبوبة، فما هو الجديد في هذا؟ وما هي معجزة العلم الحديث يا ابن آدم؟ وختمت القصة المضحكة، بأن المرأة حزنت لما ولدت أنثى، فقد أكد لها الطبيب الأريب، بأنه استعمل العلم الحديث ليجعله ذكرا، وعاشت الشهور الطوال مدة الحمل موقنة بذلك، فلما وضعتها قالت للطبيب متحسرة: إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت، فأجابها الطبيب بأنه سيحاول في المرة المقبلة، ليظل يبتز المال الحرام من المتلهفين على فتنة الدنيا {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}، فهو الغالب على أمره، وهو القاهر فوق عباده.تلك قصة الأنبوبة التي تحولت إلى أكذوبة، ولا حقيقة فيها إلا مادة المني، لعلمهم أنه لا خلق بدونها لكل بشري، وقد قالها الخالق متحديا بها {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}.أما المفتاحين الأخيرين {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوت} فلا زال العلم الحديث يدور حولها راهبا متهيبا، لا يجد مدعوه تجاههما فرية جديدة يحادون بها. |